فصل: الفتنة بين سلطان الدولة وأخيه أبي الفوارس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل فخر الملك وولاية ابن سهلان.

كان فخر الملك أبو غالب من أعظم وزراء بني بويه وولى نيابة بغداد لسلطان الدولة خمس سنين وأربعة أشهر ثم قبض عليه وقتله في ربيع سنة ست وأربعمائة وولى مكانه أبا محمد الحسن بن سهلان ولقبه عميد أصحاب الجيوش وسار سنة تسع إلى بغداد وجرد من الطريق مع طراد بن دشير الأسدي في طلب مهارش ومضر ابني دشير وكان مضر قد قبض عليه قديما بأمر فخر الملك فأراد أن يأخذ جزيرة بني أسد منه ويوليها طرادا فساروا عن المدار واتبعهم ولحق الحسن بن دبيس آخرهم فأوقع به واستباحه ثم استأمن له مضر ومهارش فأمنهما وأشرك معهما طرادا في الجزيرة ورجع وأنكر عليه سلطان الدولة فعله ووصل إلى واسط والفتنة قائمة فأصلحها ثم بلغه اشتداد الفتن ببغداد فسار وأصلحها وكان أمر الديلم قد ضعف ببغداد وخرجوا إلى واسط.

.الفتنة بين سلطان الدولة وأخيه أبي الفوارس.

قد ذكرنا أن سلطان الدولة لما ملك بعد أبيه بهاء الدولة ولى أخاه أبا الفوارس على كرمان فلما سار إليها اجتمع إليه الديلم وحملوه على الانتقاض وانتزاع الملك من يد أخيه فسار سنة ثمان إلى شيراز ثم سار منها ولقيه سلطان الدولة فهزمه وعاد إلى كرمان وابتعه سلطان الدولة فخرج هاربا من كرمان ولحق محمود بن سبكتكين مستنجدا به فأكرمه وأمده بالعساكر وعليهم أبو سعيد الطائي من أعيان قواده فسار إلى كرمان وملكها ثم إلى شيراز كذلك وعاد سلطان الدولة لحربه فهوزمه وأخرجه من بلاد فارس إلى كرمان وبعث الجيوش في أثره فانتزعوا كرمان منه ولحق بشمس الدولة بن فخر الدولة بن بويه صاحب همذان وترك ابن سبكتكين لأنه أساء معاملة قائده أبي سعيد الطائي ثم فارق شمس الدولة إلى مهذب الدولة صاحب البطيحة فأكرمه وبعث إليه أخوه جلال الدولة من البصرة مالا وثيابا وعرض عليه المسير إليه فأبى وأرسل أخاه سلطان الدولة في المراجعة وأعاده إلى ولاية كرمان وقبض سلطان الدولة سنة تسع على وزير بن فانجس وإخوته وولى مكانه أبا غالب الحسن بن منصور.
خروج الترك من الصين.
وفي سنة ثمان وأربعين خرجت من المفازة التي بين الصين وما وراء النهر أمم عظيمة من الترك تزيد على ثلثمائة ألف خيمة ويسمون الخيمة جذ كان) ويتخذونها من الجلود وكان معظمهم من الخطا قد ظهروا في ملك تركستان فمرض ملكها طغان فساروا إليها وعاثوا فيها ثم أبل طغان واستنفر المسلمين من جميع النواحي وسار إليهم في مائة وعشرين ألفا فهزموا أمامه واتبعهم مسيرة ثلاثة أشهر ثم كبسهم فقتل منهم نحوا من مائتي ألف وأسر مائة ألف وغنم من الدواب والبيوت وأواني الذهب والفضة من معمول الصين ما لا يعبر عنه.

.ملك مشرف الدولة وغلبه على سلطان الدولة.

لم يزل سلطان الدولة ثابت القدم في ملكه بالعراق إلى سنة إحدى عشرة وأربعمائة فشغب عليه الجند ونادوا بشعار أخيه مشرف الدولة فأشير عليه يحبسه فعف عن ذلك وأراد الإنحدار إلى واسط فطلبه الجند في الاستخلاف فاستخلف أخاه مشرف الدولة على العراق وسار إلى الأهواز فلما بلغ تستر استوزر سهلان وقد كان اتفق مع أخيه مشرف الدولة الوزير ابن سهلان أن لا يستوزره فاستوحش لذلك مشرف الدولة وبعث سلطان الدولة الوزير ابن سهلان ليخرجه من العراق فجمع أتراك واسط وأبا الأغر دبيس بن علي بن مزيد ولقي ابن سهلان عند واسط فهزمه وحاصره بها حتى اشتد حصاره وجهده الحصار فصالحه ونزل عن واسط فملكها في ذي الحجة من سنة إحدى عشرة وسار الديلم الذين بواسط في خدمته وسار أخوه جلال الدولة أبو طاهر صاحب البصرة إلى وفاقه وخطب له ببغداد وقبض على ابن سهلان وكحله وسار سلطان الدولة إلى أرجان ثم رجع إلى الأهواز وثار عليه الأتراك الذين هنالك ودعوا بشعار مشرف الدولة وخرجوا إلى السابلة فأفسدوها وعاد مشرف الدولة إلى بغداد فخطب لها بها سنة اثنتي عشرة وطلب منه الديلم أن ينحدروا إلى بيوتهم بخوزستان فبعث معهم وزيره أبا غالب فلما وصلوا إلى الأهواز انتفضوا ونادوا بشعار سلطان الدولة وقتلوا أبا غالب لسنة ونصف من وزارته ولحق الأتراك الذين كانوا معه بطراد بن دبيس بالجزيرة وبلغ سلطان الدولة قتل أبي غالب وافتراق الديلم فأنفذ ابنه أبا كاليجار إلى الأهواز وملكها ثم وقع الصلح بينهما على يد أبي محمد بن أبي مكرم ومؤيد الملك الرخجي على أن تكون العراق لمشرف الدولة وفارس وكرمان لسلطان الدولة واستوزر مشرف الدولة أبا الحسين بن الحسن الرخجي ولقبه مؤيد الملك بعد قتل أبي غالب ومصادرة ابنه أبي العباس ثم قبض عليه سنة أربع عشرة بعد حول من وزارته بسعاية الأثير الخادم فيه واستوزر مكانه أبا القاسم الحسين بن علي بن الحسين المغربي كان أبوه من أصحاب سيف الدولة بن حمدان وهرب إلى مصر وخدم الحاكم فقتله وهرب ابنه أبو القاسم هذا إلى الشام وحمل حسان بن الفرج الجراح الطائي على نقض طاعة الحاكم والبيعة لأبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة فاستقدمه إلى الرملة وبايعه ثم خلفه وعاد إلى مكة وقصد أبو القاسم العراق واتصل بالوزير فخر الملك وأمره القادر بإبعاده فلحق بقرواش أمير الموصل وكتب له ثم عاد إلى العراق وتنقلت به الحال إلى أن وزر بعد مؤيد الملك الرخجي وكان خبيثا محتالا حسودا ثم قدم مشرف الدولة إلى بغداد سنة أربع عشرة ولقيه القادر ولم يلق أحدا قبله.